Filtrer par genre
- 1057 - جمانة حداد: أنا الجنوب..
أنا الجنوب. ليس في ذاكرة أرضي إِلاّ أعمارُ التيه والدمار والتشرد والموت. ليس في جسد أرضي إِلاّ رائحةُ المقابر والجروح المفتوحة والدم المتخثّر.
أنا الجنوب، جنوب لبنان. أحمل في لاوعيي ينابيع الدموع من الماضي إلى المستقبل، مروراً بحاضر أجيالي المفجوعة بمصائرها القتيلة. كلّما أشرقتْ شمسٌ، تداعى فوق عمري المتثاقل جبلٌ للهزيمة تلو جبلٍ. كلّما غابت شمسٌ، أسدلتُ في ثنايا عمري عيون أطفالي المغمضة وآهات الأمّهات المكتومة وجموح الحياة المتلاشية.
أنا الجنوب، جنوب لبنان. مراراً حاولوا قتلي، لكني لم أشأ أن أموت. قرّرتُ أن أتحدّى ما لا يمكن تحدّيه، ومواجهة ما لا يمكن مواجهته. قرّرتُ أن أحمل موتي، وأتحامل عليه، وأتعايش معه، وأصير الشاهد والشهيد. كان عليَّ أن أواصل حياتي المذبوحة أمامي، بينما أشاهد بناتي وأبنائي ينسلخون عني مرة تلو مرة. وكنتُ في كل مرة ينسلخون وينزحون ويتشردون أتساءل: ترى هل يمشون حقاً أم هم يغوصون في فجوةٍ لامتناهيةٍ من الوجع؟
هؤلاء الذين يقيمون فيَّ، كيف يمكنني أن أغطّي جثثهم بالراحات المفتوحة، وكيف لي أن أسهر على دماثة دمائهم وحشرجات عيونهم الزائغة؟
هؤلاء الذين أنا أقيم فيهم، لم يعد في مقدوري أن أحصي نومهم الأبديّ فيَّ، ولا فرارهم الدائم في الظلمة ولا جروحهم غير القابلة للالتئام.
أنا الجنوب. أشجاري التي كنتُ أنتظر الربيع لأفتحها على المطلق، لأبلّغ بها عن الجريمة، مَن يستعيدها لتكون منارة للكتب التي لن تُكتَب، والروايات التي لن تُروى، والأشعار التي لن تُغنّى؟
أنا الجنوب، جنوب لبنان، أرض الإبنة الجنوبية والأمّ الجنوبية والجدّة الجنوبية، أستجمع في روحي وهج الجمر ورماد المجزرة، لأنقلها إلى وَرَثَتي، جيل الزمن الآتي، والمكان الآتي، لكي يعيدوا، من أجلي ومن أجلهم، اختراع الحياة.
Thu, 21 Nov 2024 - 1056 - غادة عبد العال: نباتشيات طبيبة في الأرياف!
في البداية كان انتشار الهوس بالسوشيال ميديا محدود بين المشتركين المعتادين للإنترنت، لكن بعد كده انتشر الهوس ده إلى فئات المجتمع كلها، فأصبح الكل بيدور لنفسه عن جمهور، والكل يلجأ للسوشيال براندينج، والتسويق للشخص و لعمله أصبح شيء معتاد لأي حد شغال في أي مجال، من أول سمكري السيارات وحتى جراج المخ والأعصاب.
وإذا كانت بعض الشغلانات مافيش ضرر من نشر أصحابها لنماذج أعمالهم. نجار بيعرض أوضة نوم أبدع في قويمتها. مهندس بيعرض تصميمه لكوبري جديد. لكن لو كل دول مافيش مشاكل من كلامهم على السوشيال ميديا عن شغلهم، نيجي لحد الطب ونشد خط أحمر.
الطبيب تحديدا المفروض إن جزء لا يتجزأ من تعامله مع مرضاه هو الحفاظ على سريتهم. سرية معلوماتهم وسرية أمراضهم، وبنسمع كتير في المستشفيات بره عن أطباء بيرفضوا يفصحوا عن أي تفصيلة عن مرض شخص ما إلا إلى أقاربه من الدرجة الأولى.
بس ده هناك .. عندهم!. عندنا بأه ومع انتشار السوشيال ميديا كوسيلة رخيصة التمن للدعاية، بدل اليفط اللي واقفين فيها الأطباء عاقدين أذرعتهم زي الجني بتاع ألف ليلة و ليلة. يكفي الطبيب إنه يفتح لايف ويقعد يحكيلنا عن مرضاه، ومافيش مانع من شوية شطة وفلفل تزود من التعليقات والشير ليصبح الفيديو حديث المدينة، ويكسب الطبيب زبائن جداد، باعتباره الدكتور المشهور اللي بيطلع ع النت.
و لا يتورع بعض الأطباء عن إنهم كمان يبتزوا مرضاهم عاطفيا بالضغط عليهم عشان يطلعوا مع الطبيب في صورة أو بوست أو فيديو، بيشيدوا بعبقريته وبإزاي حياتهم قبل ما يقابلوه كانت مختلفة تماما عن بعدها.
أي طفل في أي دولة أجنبية هيقولك إن كل دي أشياء غير أخلاقية، وإن المريض لما بييجي للطبيب بيكونن في أضعف حالاته، محتاج يحط ثقته بين إيديه. لكن السوشيال ميديا وبريقها بيخلي الكثير من الأطباء يرموا القسم والأخلاقيات ورا ضهرهم. أصل ما كل الناس بتعمل كده، جت ع الطبيب يعني.
الأسبوع الماضي صحينا في يوم على فيديو لطبيبة بتعمل كده بالظبط، طلعت في فيديو تحكي فيه عن حكايات خاصة لمريضات قابلتهم في نباتشيات قسم أمراض النسا في مستشفى من مستشفيات الأقاليم . المريضات جم للطبيبة بشكواهم وهم فاكرين إنهم بين إيدين أمينة، لكن الطبيبة قررت إن حكاياتهم ومشاكلهم وسيلة كويسة تشهرها شوية وتزود رجلين الزباين على عيادتها. لكن المرة دي زودت الشطة شويتين تلاتة أربعة عشرين، ووصلت لاتهام المجتمع كله بالانحلال، وطلبت من الجميع يروحوا يحللوا عشان يتأكدوا إن أولادهم هم فعلا أولادهم. وكل ده بناءا على نباتشية أو اتنين أو بناءا على مواهبها التأليفية أملا في الحصول على المزيد من الانتشار.
وقد كان لها ما أرادت، اتشهرت الطبيبة جدا، واشتهر الفيديو جدا جدا، حتى وصل للسلطات اللي شافت فيه تعدي على قيم الأسرة المصرية ونشر ادعاءات كاذبة عن المجتمع. وشرفت الطبيبة في السجن في انتظار القادم من درجات التقاضي.
وعلى الرغم من عدم ارتياحي لفكرة الحبس، واعتقادي ان الموضوع كان كفاية يتم التعامل معاه في النيابة الإدارية وليست العامة. لكن كل أمنياتي إن حكاية طبيبة الأرياف تكون رادع لكل طبيب نسي إنه بيمتهن مهنة خاصة جدا وحساسة جدا ليها قيم وأخلاقيات مختلفة عن مهن تانية كتير، ويا ريت يبطل يتعامل مع السوشيال ميديا زيه زي أي مهندس أو مدرس أو سباك أو نجار!
Tue, 19 Nov 2024 - 1055 - سناء العاجي: هكذا يجد نجباء الحروب الحل لمشكلاتهم الاجتماعية والسياسية والحقوقيةMon, 18 Nov 2024
- 1054 - ما الذي يحدث في ليبيا والعراق؟
بعد سقوط عدد من الحكومات العربية وصعود الميليشيات الدينيّة، واستيلائها على الحكم، أصبحنا نسمع عن ليبيا التي تريد التحكّم بملابس المرأة، وتفصِلُها عن المجتمع، والعراق الذي يريد أن يجعل التحرّش بالأطفال، واغتصابهم حلالا باسم الزواج، واليمن الذي تراجع أكثر ممّا كان، ممّا يجعلنا نتيّقن أنّ الليل حالك.
شاهدت فيديو لأب يحضر حفل تخرّج ابنته في مدينة تعز في اليمن، الأب يعمل في السعودية وأراد أن يفاجئ ابنته بحضوره. إلى هنا الحدث عاديّ جدًّا، ومكرّر. يقترب الأب من منصّة الحفل، فتجري ابنته التي ترتدي الحجاب، وتحتضن والدها. ما زال الأمر عاديًّا، إلى أن قرأت التعليقات على الفيديو، وهنا كانت الصدمة. تعليقات غريبة مثل: "ذهبت رجولته، وسقطت عفّتها"، "الأب يحتاج تربية قبل البنت، كيف يرضى بهذا المنظر"، "انفتاح غير لائق كيف تحضن والدها".. إلخ من التعليقات المريضة التي أصابتني بالهلع والغثيان. لم أصدّق كيف أصبح المجتمع مريضًا بهذا الشكل إلى درجة أنه يستنكر حبّ أب لابنته! ويصنّف فتاة محجّبة بأنّها متبرّجة. ماذا فعل بهم شيوخ الدين وبعقولهم؟!
استرجعت في ذاكرتي ذاك الشيخ الذي قال بأن على الابنة أن تتحجّب أمام والدها، المرض بدأ هنا عندما تمّ إعطاء هؤلاء الشيوخ المنابر عبر الإعلام الحكوميّ العربيّ، وفي الجوامع، وسيطروا على هذه العقول لسنوات طويلة. هؤلاء الشباب أصحاب الفكر المريض هم نتاج لترك هؤلاء الشيوخ يلعبون بعقول الأطفال والشباب، فلماذا تفاجأنا؟! ثُمّ إذا سقطت حكومة تأتي هذه الجماعات الدينيّة كبديل، وتجد بيئة خصبة داعمة لها، وتصبح أصواتنا -نحن الرافضين لهذه الجرائم- خافتة جدًّا.
أنا متفائلة بطبعي، وأرى أنّ حكم الجماعات الدينيّة سيجعل هذه الشعوب ترفضها مع الأيام، فاليوم نرى فسادهم، وكذبهم، وحكمهم الفاشل بعد أن أزعجونا لسنوات طويلة أنّ حكمهم الدينيّ سيكون هو الحلّ لكلّ المشاكل، اليوم تبيّن أنّهم أساس كلّ المشاكل. الإسلام السياسيّ بشقّيه السنّيّ والشيعيّ نراه اليوم يختطف أبسط حقوق النساء والفتيات في دول منهارة اقتصاديًّا وثقافيًّا، ولكن إن ساهمنا جميعًا في التوعية كلٌّ من منبره على صفحته الخاصّة في وسائل التواصل الاجتماعيّة، فبالتأكيد سنساهم في التغيير.
أنا مؤمنة بأنّ لا بدَّ لهذا القيد أن ينكسر، ولا بدّ لليل أن ينجلي.
Fri, 15 Nov 2024 - 1053 - جمانة حداد: الحياة حروب
الحياة حروبٌ كلها. ليس فيها أي لحظة سلام تدوم، ولا أيّ هدنة يركن إليها، ولا أي أمان يعتمد عليه. حتى ليقول المرء في قرارته: لماذا الحياة، إذا كانت حربًا مفتوحةً لا هوادة فيها، داخل الذات أولًا ومعها، وحربًا مفتوحةً موازية هي حرب الظروف والأحوال التي تدهم المرء، وتحاصره من كلّ جهة، فضلًا عن الحروب المسعورة التي تخاض على مدار الوقت مع الحمقى الذين خلقوا هذه الظروف والمعطيات، ويعيدون خلقها مراراً وتكراراً، ليمنعوكَ من العيش الهانئ.
أستعير فكرة هذا المقال من فرانز كافكا، وأضيف أنّ هؤلاء اليوم في كلّ مكان، وفي كلّ وقت. هم يحكمون العالم، ويديرون السياسة، ويشنّون الحروب، حروب القتل والإبادة والظلم والقهر والاحتلال والالغاء والتفقير، وهم يملكون مفاتيح الاقتصاد، والمال، والثروات، وينشرون الفقر، والجوع، والمرض، والأوبئة، وانعدام المساواة، ويجعلون البشر أعداء بعضهم بعضًا، ويفنون بعضهم بعضًا.
هم اليوم، في اختصار، آلهة هذا العالم. هم الأذكياء الذين يضعون عبقريتهم في خدمة الشرّ والموت. لم يعد ثمّة موضعٌ في الأرض يمكننا انْ نلجأ اليه هرباً منهم. إلى أين نذهب؟ حيث هناك ظلّ، حيث هناك نسمة هواء، حيث هناك حلم، وأمل، واحتمال ابتسامة، نرى الحماقة تحوّلوه إلى جحيم.
الجحيم هنا والآن. يحتلّون العالم، ويبرمجونه، ويديرونه على هواهم، ويجعلونه رهين الشر. من ينقذنا وكيف ننقذ أنفسنا والعالم منهم؟
شخصيًّا لا أعرف. لكن المصير البشري يستحق أنْ لا يكون مصيره هذا المصير.
ويستحقّ، عالمنا هذا، أقلّ حماقة ، ليبقى على قيد الحياة.
Thu, 14 Nov 2024 - 1052 - عروب صبح: السينما العربية.. من أجل الانسانية!
كانت مصر الدولة الأولى التي عرفت السينما وذلك بعد أن أرسلت دار لوميير الفرنسية في عام 1897 مبعوثاً ليقوم بتصوير شرائط سينمائية تضم مناظر ومشاهد من الإسكندرية والقاهرة والمناطق الأثرية. حيث قامت أول دار للسينما في الإسكندرية عام 1900 وشهد عام 1905 وجود ثلاث دور للعرض في القاهرة.
أول فيلم روائي طويل انجز في عام 1923 وكان بعنوان " في بلاد توت عنخ آمون" ويحكي قصة اكتشاف مقبرة الملك الفرعوني. أما نقطة التحول في صناعة السينما المصرية فكانت عام 1925 بإنشاء شركة مصر للتمثيل والسينما.
لا شك أن صورة العرب والمسلمين في السينما العالمية كانت نمطية، بل وفيها افتراء كبير على شعوب بدأت من منطقتهم بواكير الحضارة الإنسانية وكانت مهداً لديانات يدين معظم العالم بها.
لعبت السينما المصرية دوراً مهماً في الحياة الثقافية المصرية والعربية وكان للإنتاج السينمائي في البدايات علاقة وثيقة مع الإنتاج الادبي حيث أثرى بعضهما بعضاً بجمالياته ومحتواه بالرغم من أن الأدب سبق السينما الا أنها نقلته بالصوت والصورة والأداء الى حياة الناس التي كانت تنتظر هذه الانتاجات على امتداد العالم العربي، لم تدم هذه العلاقة للأسف مع أن سبعين بالمئة من قائمة أهم مئة فيلم في تاريخ السينما العربية مأخوذين عن نصوص أدبية.
سيطر ما دعي بسينما المقاولات على المشهد ولحقت السينما ركب الخضوع للسلطة لتصبح أداة سياسية كغيرها من الأدوات سواء بشكل مباشر أو عن طريق نجومها.
السينما العربية في الدول الأخرى لم تحظ بفرص كالمصرية التي دعمتها الدولة وبقيت محاولتها خجولة..
السينما العربية المستقلة (البديلة)
تفوقت في لبنان وكان هدفها أن تكون مختبراً بصرياً لرواية الحكايات فتصبح أداة لإدانة الواقع السياسي وتكتب تاريخاً مضاداً للتاريخ الذي ترويه السلطة.
السينما؛ هناك من يراها مهرجان وسجادة حمراء وإطلالات ومجوهرات
وهناك من يراها أداة من أدوات التحرر..
نعود للجونة
كيف يكون لبهرجة السجادة الهوليودية وتداول مقاطعها بفجاجة علاقة بالإنسانية؟
أنه لأمر يدعو للغثيان، تسمية المهرجان السينمائي باسم يحتوي على كلمة (إنسانية) بينما غزة في الجوار تذبح وتدمر ويقتل أهلها بالآلاف المؤلفة. ربما لإراحة الضمائر المستترة عن موقف مصر السياسي تجاه غزة.
Wed, 13 Nov 2024 - 1051 - غادة عبد العال: حصان طروادة!
أثناء ثورة يناير ٢٠١١، مرينا بأكتر من مرحلة من مراحل الانتخاب، الاستفتاء على حزمة من التعديلات الدستورية كان من أبرزهم ببساطة لأن البعض صوره كصراع بين الدين واللا دين ، وبين العلمانية والمحافظة ، وبعد ظهور النتيجة أطلق على الاستفتاء إسم كاتشي معبر وهو: ”غزوة الصناديق“.
وخرج يومها أحد المتحدثين في الأمور الدينية وقال قولته الشهيرة وقتها :“ وقالت الصناديق للدين .. نعم“، في خلط غريب بين الأمور الدينية والديمقراطية واللي أمضى هذا الشخص وصحابه عقود طويلة يفتوا بحرمانيتها من الأصل. لكن لأن التصويت بنعم كان هيضمن للتيار الديني بعض المكاسب، رمى هؤلاء فتاواهم السابقة وراء ظهورهم، فالغاية كما نعلم جميعا تبرر الوسيلة.
والتيار الديني وقتها، سواء اللي حرموا الديمقراطية من قبل أو المشتغلين فيها استغلوا ميل الشعوب العربية الفطري ناحية أي حاجة عليها زخارف دينية أو بتتحط في قالب الحلال والحرام حتى لو كان التصنيف ده مالوش أي أساس من الصحة- وقاموا بحملة موجهة هدفها استمالة المشاعر الدينية للناخبين.. ونجحوا في كده!
وهتظل دي نقطة ضعف العملية الديمقراطية في أي مكان في الوطن العربي، مافيش حد محتاج يقنع الناخبين بالعقل ولا بالمنطق، ولا حتى بفايدة اللي بيصوتوا عليه ليهم أو ضرره عليهم ، فقط قولهم :“ الدييين.. الدييين يا جماعة“ وعلي صوتك قوي و انت بتقولها، وما تكملش الجملة حتى، مش محتاج، لا تقول الدين هو اللي بيقول، ولا الدين في خطر، ولا أي جملة مفيدة، بس قول ”الدين“، وسيتبعك الملايين.
من كام يوم بدأت وسائل التواصل الاجتماعي تتناقل خبر ما اعرفش لحد دلوقتي هو حقيقي والا إشاعة، عن إن الحكومة الليبية أصدرت مجموعة من القرارات، من ضمنها: فرض الحجاب على النساء الليبيات، ومنع الاختلاط بين الرجال والنساء في الكافيهات، و إلزام الرجال بتصفيفات محددة للشعر ومنع تطويل الشعر (مع إنه سنة يا أخي). وكما هو متوقع لاقى الخبر ده موجه من الابتهاج في صفوف شعب السوشيال ميديا الجميل. الليبيين يبدو انهم فرحانين، وباقي الشعوب بتقول بإجماع غامر: عقبالنا.
طبعا أي كلام عن الحريات الشخصية، والقرار الحر، وإن مافيش حاجة المفروض موقعها القلب وفي النهاية هي شيء بين الإنسان وربه تتفرض بالقانون، كله كلام لن يعني للجماهير الغفيرة شيء لإن فيه حد في الأول قالهم ”الدين يا ولاد“ فانتهى النقاش من قبل ما يبتدي. حتى لو كان ده بيفتح الباب لفرض كل شيء، فلنفرض ان الستات ما يخرجوش للعمل، ونسيب ملايين الأسر اللي بتعولها امرأة بدون مصدر دخل. فلنفرض زواج البنات بعد بلوغهم التاسعة، ونبدأ أمة فيها عيال بيخلفوا عيال، وفيه مئات الآلاف من حالات الموت أثناء الولادة لعدم استعداد جسم الطفلة في العمر ده، المهم إن معانا فتوى بتقول انها تطيق الجماع زي ما شيخ الجامع بيقول. فلنفرض لبس اللون الأسود ونحرم الألوان. فلنفرض العودة لركوب الجياد والحمير، فالسيارة من صنع الغربي الشيطان. فلنفرض أكل التين على الجميع، ولنمنع أكل الملوخية، فهي لم تذكر في القرآن.
شيء مرعب ومخيف، إن الدين يصبح حصان طروادة، اللي ممكن أي قوة، داخلية كانت أو خارجية تمرر من خلاله قرارات كارثية و عبثية هتتقبلها الجماهير الغفيرة وترحب بيها وتهلل لها حتى لو كانت نتائجها كارثية على نفس ذات الجمهور وعلى مجتمعه وعلى مستقبله، ده لو هيبانله مستقبل يعني!.
Tue, 12 Nov 2024 - 1050 - سناء العاجي الحنفي: استفتاء وطني ضد النساء
"نحتاج لإجراء استفتاء وطني حول الموضوع". هذا عادة ما تقوله التيارات المحافظة والإسلاموية أمام كل مطلب يبدو لها مهددا لإيديولوجيتها.
تذكرت هذا الحديث وأنا بصدد الإعداد لبودكاست عن التوقيف الإرادي للحمل. معظم التيارات المحافظة تعتبر أنه، لتقنين التوقيف الإرادي للحمل، يجب أن نجري استفتاء وطنيا.
تذكرت أننا، سنويا، نصوت على ميزانية الدولة دون أن نجري استفتاء وطنيا، رغم أن هذه الميزانية تقرر في تفاصيل حياتنا اليومية جميعا! ودوريا، نغير القوانين: مدونة الأسرة، القانون الجنائي، مدونة الأحوال المدنية التي يجري حاليا تعديلها والتي تهدد فعليا حق المغاربة والمغربيات في الولوج للقضاء، دون أن يتم إجراء استفتاء وطني...
لكن، حين يتعلق الأمر بالنساء، يبدو للجميع أن من حقه إبداء رأي بل وإجراء استفتاء وطني. لم أر يوما شخصا يناقش عمل الرجل مثلا وهل يؤثر عمله على علاقته بأسرته. ولم أر تعليقات ومقالات عن ملابس الرجال، علما أن وجه وجسد الرجل الجميل يفتننا أيضا والله.
إنها في الحقيقة نظرة رجولية وغيرية لجسد الرجل، لأنه لا يجد في جسد رجل مثله ما يغري. فماذا لو أعطينا الكلمة، بحرية، للنساء وللمثليين، ليعبروا عن تأثير وجه وجسد الرجل الوسيم عليهم؟
أما عن التوقيف الإرادي للحمل، فلنتخيل أن تفصيلا حميميا كهذا، يخص امرأة بعينها، يريد مجتمع بأسره أن يقرر فيه. لماذا نعتبر أن من حقنا أن نقرر لامرأة، متزوجة كانت أم لا، متى تصير أما؟ بأي منطق نعتبر أن من حقنا أن نفرض عليها الأمومة بمعاييرنا الأخلاقية؟ وبنفس المعايير، نُعَرِّضها لاحقا للوصم لأنها أم عازبة، ونعرض الطفل نفسه للوصم رغم أنه لم يختر أن يولد نتيجة علاقة لا يعترف بها المجتمع.
وطبعا، فالرجل المسؤول عن ذلك الحمل، سواء كان ذلك نتيجة علاقة رضائية أو نتيجة اغتصاب، فلا أحد سيسائله. حتى إجراء الحمض النووي الذي يمكن أن يجعله يتحمل مسؤوليته اتجاه الطفل أو الطفلة، فنحن نرفض استعماله بموجب حديث عمره أزيد من 14 قرنا، لم يكن العلم حينها قد تطور كما اليوم.
باختصار، حجة الاستفتاء الوطني لا تهدف للديمقراطية... لكن هدفها الحقيقي هو المزيد من المحاصرة لأجساد النساء!
Mon, 11 Nov 2024 - 1049 - هند الإرياني: هذه هي الرفاهية
كثيراً ما أقرأ ما يكتبه العرب تحت صفحات الأخبار العربيّة الموجودة في السويد، ومن المستغرب أنّ أغلب التعليقات تنتقد القوانين، والبلد، وكلّ شيء فيه، وبمجرّد أن يكون هناك خبر إيجابيّ عن السويد، وأنّها توفّر رفاهيّة لمواطنيها، تجدهم يتساءلون: "أيّ رفاهيّة تتحدّثون عنها؟!".
بالنسبة لنا كعرب الرفاهيّة هي أن تعيش في قصر، وهناك خدم ينظّفون بدلًا عنك، ويطبخون لك الطعام. في السوبر ماركت هناك من يضع لك ما اشتريته في الكيس، يتمّ التعامل معك كإنسان مدلّل لا يستطيع أن يحمل أغراضه بنفسه. تصرف الكثير من الأموال على شراء منتجات من ماركات شهيرة، وغالية الثمن، وسيارات فارهة لكي تضع صورها في حسابك في الإنستغرام، وتقول للعالم بأنّك تعيش في رفاهيّة. هذه هي الرفاهيّة بالنسبة لنا.
عندما يأتي العربيّ للسويد يتوقّع أنّه سيعيش هذه الرفاهيّة ثُمّ يتفاجأ بالواقع. الواقع الذي يحتّم عليه أن يعتمد على نفسه دائمًا، لا أحد سيحمل لك الشنطة، ولا كيس المشتريات، يجب أن تنظّف بيتك بنفسك لا تستطيع أن تؤجّر عاملة/عاملا في المنزل إلّا إذا كنت شديد الثراء لأنّ العمالة مكلّفة جدًّا. عليك أن تصلح كلّ شيء في بيتك بنفسك، تعلّم السباكة والنجارة، فهناك سويديّون يبنون بيوتهم بأنفسهم. يتفاجأ العربيّ بأنّه ليس مدلّلا وأنّ عليه أن يكدّ، ويشقى، ويعتمد على نفسه تمامًا لذلك تثير غضبه الأخبار التي تقول بأنّ السويد فيها معدّل رفاهيّة عالٍ للمواطن. إذًا ماهي الرفاهيّة التي تتحدّث عنها الأخبار؟
الرفاهيّة في السويد هي أنّك لن تدفع أموالًا طائلة لمدرسة أولادك، لن تشعر بالذعر بأنّك إن لم تدفع مصروف المدرسة سيتمّ طردهم، فالمدارس مجانيّة، وهناك أيضًا طعام لهم مجانيّ. الرفاهية هي أنّك تتعالج بمبلغ زهيد، هي أنّ المواصلات سهلة ونظيفة، هي أنّ الشوارع مرتّبة ولا أحد سيدوس عليك وأنت تمشي. الرفاهيّة هي أنّك إن خسرت عملك سيكون بإمكانك الحصول على أموال إلى أن تجد عملًا آخر، إن كنت غير قادر على دفع إيجار البيت، فبإمكانك أن تطلب مساعدة إن ثبت أنك تستحقّها.
باختصار الرفاهيّة في السويد لا تعني بأنّك ستعيش في قصرك مع المنتجات الفاخرة، والخدم، والحشم. الرفاهيّة في السويد هي أنّك ستعيش معزّزًا، ولديك كرامة حتّى وإن ضاق بك الحال، هذه هي الرفاهيّة.
Fri, 08 Nov 2024 - 1048 - جمانة حداد: أبشع ما حدث لي
"إن حياة كهذه ليس سوى شكل آخر من أشكال الموت": هذا ما قالته لي أمّي هذا الصباح بينما ترتشف قهوتها. من يلومها؟ بالتأكيد ليس أنا. فهي قد شهدت من المآسي خلال حياتها أكثر مما ينبغي لأي إنسان واحد أن يشهده. وكانت، مثلي، تعتقد أنها قد رأت كل شيء، وأننا قد وصلنا الى قعر القعر، حتى بضعة أسابيع خلت، عندما اشتدت علينا وطأة هذه الحرب اللعينة.
هل أمي استثناء؟ يتمنى المرء ذلك. هي واحدة من عدد لا يُحصى من النساء اللواتي دفعن ويدفعن وسوف يستمررن في دفع ثمن الحروب هنا وفي جميع أنحاء العالم. الثمن الفادح لحروب يشنها رجال ضد رجال، وتكون النساء فيها محض "أضرار جانبية". الثمن الشنيع لحروب يشنها رجال ضد رجال سعياً للسلطة والأرباح الاقتصادية والانتقام، وتكون النساء فيها ضحايا بريئات، ومجرد إحصائيات في الصحف ونشرات الأخبار؛ أجسادهن وأرواحهن وأحلامهن تُدمر وتُكسر وتُسحق؛ دون أن يكون لهن قرار في ما يحدث وفي المصائب التي يعانينها. نحن لا نرى، أو بالكاد، نساء في مجالس الحروب. نحن لا نرى، أو بالكاد، نساء يصنّعن ويبعن ويشترين الأسلحة في صفقات بملايين الدولارات. لا. النساء في مكان آخر. نراهنّ يبكين على جثث أطفالهن. نراهنّ ينتحبن أمام منازلهن المدمرة. نراهنّ يحاولن إطعام أسرهن الجائعة. غول الحرب يلتهم النساء ثم يبصقهنّ مكلومات، أرامل، يتيمات، مغتصبات، مشردات، نازحات، جريحات، قتيلات...
"الحرب قدرنا، وعلينا أن نقبلها": كنتُ أسمع والدتي تقول هذا أثناء طفولتي ومراهقتي، فأستنكر كلامها في سرّي. لكني بت اليوم أعرف أنها على حق. ها أنا مثلها اليوم قد "قبلت" الحرب قدراً. لم أعد أتوقع أفضل، لم أعد أتوقّع أكثر. صرتُ، ربما، "بلا حسّ".
... وقد يكون هذا الأمر، من بين كل الأمور البشعة التي حدثت لي خلال حياتي، هو الأكثر بشاعة على الإطلاق.
Thu, 07 Nov 2024 - 1047 - عروب صبح: سينما من أجل الإنسانية 2
في عام 1962 وأثناء انعقاد مهرجان اوبرهاوزن للأفلام القصيرة في ألمانيا أصدر 26 مخرجا وفناناً وكاتباً سينمائياً بياناً يعبرون عن رغبتهم في خلق سينما روائية ألمانية ضمن حركة سينمائية جديدة تعكس قضايا الواقع الاجتماعي، متحررة من الاعتبارات التجارية وسيطرة كبار الممولين.
الغريب أن أفلام هذه الحركة لاقت صدى عالميا ونجحت خارج ألمانيا، ولكن الجمهور الألماني لم يستقبلها بنفس الحماس!
في فرنسا ظهر تيار (سينما المؤلف) الذي اعتبر ان الكاميرا قلم وان المخرج المؤلف يكتب بها، كان ذلك في 1948. بعدها ظهرت أيضا موجات سمّت نفسها (سينما الحقيقة) أو السينما المباشرة التي اعتمدت نهجاً تسجيلياً وتقنيات الكاميرا المحمولة والصوت المتزامن مع تسجيل الصورة بدون سيناريو مسبق.
أحدث التيارات كان في الدنمارك ويدعى (دوغما95) هدفه انتاج أفلام بميزانيات منخفضة وباستعمال الكاميرات الرقمية لإنقاذ صناعة السينما والناس من الوهم والخداع وكسر الهيمنة المسيطرة على السينما العالمية.
السينما الأميركية
بعد خروجها منتصرة في الحرب العالمية الثانية استعملت الولايات المتحدة السينما كوسيلة لنشر وتعميم أفكار الحلم الأميركي وسياساتها الاستهلاكية بالأنماط الفكرية التي تبشر بها كأسلوب حياة وثقافة، تهيمن من خلالها على المتلقين لتشكيل أفكارهم وأخلاقهم ...
منذ بداياتها قررت السينما الأميركية من هو الصالح ومن هو الشرير
وضعت رعاة الأبقار والإقطاعيين والسود والسكان الأصليين في أطرٍ تجعل المشاهد يصدر أحكاماً ويأخذ مواقف لا علاقة لها بحقائق تاريخ الإبادة ولا الاستعباد!
في المجلة العربية للدراسات والانثروبولوجيا نشر الكاتب عبدو نادية
"تاريخ السينما الامريكية حافل بالإنجازات الفكرية والفلسفية والعلمية التي وضعت اللبنة الأولى للسينما الحديثة والمعاصرة بعناصرها واسسها التكوينية، زيادة على ذلك التطور التقني في مجال السمعي والبصري الذي أضاف مستجدات ضخمة من حيث الوسائل والأجهزة والمعدات التي ضاهت الإمكانات البشرية في صياغة المحتوى السينمائي بتحديثاته و تشكيلاته، مما اسهم في تطور الفيلم السينمائي الأمريكي بطابعه الجمالي و التشويقي ،الا ان اجندته السياسية بقت حاضرة وبقوة في توجيه المتلقي والمشاهد وتغيير وتأليب الراي العام حول قضية او مشكلة ما ،و بالاعتماد على الدارسات والأبحاث في علم الأنثروبولوجيا والانسان وتوظيفها بالمزاوجة مع العلوم المعرفية الأخرى لتكريس الهيمنة او تعزيز السيطرة على احداث او مستجدات في العالم" .
ماذا عن السينما العربية؟
في المدونة القادمة
Wed, 06 Nov 2024 - 1046 - هند الإرياني: الفيلم الذي جعلني أتساءل.. هل هذا العالم حقيقي؟!
هناك أفلام تترك أثرًا فيك، وتجعلك تغوص في أفكار فلسفيّة، وهذا ما شعرت به وأنا أشاهد الفيلم الممتع جدًّا Bless أو النعيم. هذا الفيلم يجعلك تتساءل: هل العالم الذي نحن فيه حقيقيّ؟!
عندما تشاهد أخبار العالم تظنّ أنّ هذا العالم هو الجحيم بعينه. الكثير من الحروب، والقتلى، ودمار بسبب تغيّر المناخ، وفقر، ومجاعة.. إلخ، فتسأل نفسك: هل نحن نعيش في الجحيم الآن؟ وهل هناك مكان آخر لحياة النعيم؟ هذه الفكرة الفلسفيّة هي التي خطرت في بالي وأنا أشاهد فيلم "النعيم". الفيلم من بطولة "أوين ويلسون" و"سلمى حايك". في بداية الفيلم تشاهد الحياة في إحدى المناطق في الولايات المتّحدة الأمريكيّة؛ تشاهد الشوارع المتّسخة، المتشرّدين، المخدّرات، الجرائم، كلّ هذا يبدو حقيقيًّا. نرى البطل الذي يقع في مشاكل ثم تنقذه امرأة لديها قدرات خارقة، وتقول له بأنّ كلّ هذا ليس حقيقيًّا، وأنّ هناك حياة أخرى يعيشانها هما الاثنان، ودليلها الصورة التي كان يرسمها دائما لبيت جميل وامرأة تشبهها.
بعد ذلك نفهم من الفيلم أنّهما يعيشان في عالم محاكاة، وأنّ الحياة الحقيقيّة ليست كهذه، وإنّما حياة جميلة. التكنولوجيا فيها متطوّرة، والناس تعيش في رفاهيّة، ولديها الكثير من الوقت لتمارس شغفها، وتنشغل بالفنون، والهواء نظيف، والناس سعداء، والماء في كلّ مكان، إنّها الجنّة.
سأضطرّ لأن أحرق الفيلم، ففي النهاية يختار الرجل أن يذهب للحياة غير الحقيقيّة، فهي أكثر إثارة كما وصفها، فلا نعرف ماذا سيحدث في كلّ لحظة، بالإضافة أنّ لديه ابنة هناك تنتظره ويحبها، وبذلك ترك حياة النعيم من أجل هذه الحياة المليئة بالتعاسة، ولكن في نفس الوقت فيها مغامرة وتشويق.
هناك الكثير من الأفلام التي تناولت فكرة أننا نعيش في محاكاة، وأنّ هذه ليست الحياة الحقيقيّة، الأديان أيضًا لديها تقريبًا نفس الفكرة حيث تقول الأديان الإبراهيمية أنّ هذه الحياة فانية، وأنّ هناك حياة أخرى جميلة لمن ينجح في الاختبار هنا. وهناك في الطرف النقيض مَن يعتقد بأنّ كلّ هذه الأفكار الفلسفيّة، والدينيّة مجرّد خزعبلات، وتدلّ على أنّ صاحبها يعاني من اضطرابات نفسيّة.
لا أحد يعلم الحقيقة كاملة، وإن كانت الأديان على حقّ، وهناك حياة أخرى، واختبار، أو أنّ هذه الحياة مجرّد محاكاة صنعتها مخلوقات متطوّرة. لكنّ هذه الأفكار قد تخفّف من وقع الأخبار عليك، فلربّما أنّ كلّ هذه التعاسة الموجودة على الأرض هي مجرّد وهم، وأنّ هذه الحياة ليست حقيقيّة، وبانتظارك حياة أخرى فيها النعيم كلّه.
Fri, 01 Nov 2024 - 1045 - جمانة حداد: إلا وجع القلب
لا شيء يهدّئ من روعي، في أوقات الشدّة والأسى مثل هذه، أكثر من الجلوس في الطبيعة مع ذاتي وذواتي، لا ترافقني في وحدتي سوى الأشجار. أتحادث معي ومعها، أشكو لها همّي، تطبطب على قلبي، نتبادل الآراء، نتجادل، نتناحر، نتهادن حيناً ونظل على خصام غالباً.
صنوبرةٌ انحنت صوبي أمس وهمست في أذني: "إياك والحزن فكلّ شيء عابر. أنظري كيف الغيوم تتهادى كعادتها في السماء، والنجمات تشعشع كعادتها في الليل، والأمواج تتمايل كعادتها في البحر. هل غيّرت الشمس يوماً من اتجاه دورانها حول كوكبنا بداعي حرب دائرة؟ هل كفّت العصافير عن الغناء يوماً نتيجة جريمة مروّعة؟ هل توقّف النحل يوماً عن جمع رحيق الأزهار إثر ظلم مهول؟ أنظري وتعلّمي. خذي العبرة من الطبيعة فكل شيء عابر على هذه الأرض".
أجبتها: "صحيح، كلّه عابر. الفرح كما الكآبة. الحب كما الحقد. اليأس كما الأمل. اللذة كما الوجع. ولكن ماذا نفعل بالندوب التي لا تزول عن جلدنا وقلوبنا يا صديقتي؟ ماذا نفعل بجرح لا يني ينزّ ويذكّرنا بالسكين التي تسببت به؟ ماذا نفعل، قولي، بما ومن قتلنا وذبحنا مراراً وتكراراً حتى صارت حياتُنا محض تدريب على الموت؟ ماذا نفعل بأصوات الذين فقدناهم تطنّ تطنّ في آذاننا؟ ماذا نفعل بابتساماتهم في صورنا، بأذرعهم لا تزال تعانقنا، بقبلهم لا تفتأ تحرق مكانها على وجناتنا؟ وماذا، أخبريني، ماذا نفعل بأسمائهم محفورةً حفراً في أرواحنا؟"
لا شيء يهدّئ من روعي، في أوقات الشدّة والأسى مثل هذه، أكثر من الجلوس مع الأشجار. صنوبرةٌ انحنت صوبي أمس وهمست في أذني: "إيّاك والحزن فكلّ شيء عابر، كل شيء سراب".
أجبتُها: "…إلا وجع القلب على الأبرياء".
Thu, 31 Oct 2024 - 1044 - عروب صبح: سينما من أجل الإنسانية
هذا هو عنوان السنة لمهرجان السينما الذي يقيمه المليونير المصري سويرس سنوياً في منطقة الجونة على الساحل المصري.
كعربية مشاهدة ومتابعة وجدت العنوان ومشاهد السجادة الحمراء أمراً مستفزاً نظراً لتوقيته مع ما يجري في غزة ولبنان من قتل يومي وتدمير ممنهج تقوم به الالة العسكرية الإسرائيلية مدعومة بالسلاح من الولايات المتحدة والدول الأوروبية والصمت المريب للدول العربية!
هل تخدم السينما الإنسانية فعلاً؟
ككاتبة
هذه سلسة مدونات..
تعتبر السينما من الوسائل التي استعملها الانسان لتوثيق القصص ونقل المشاعر والأفكار، حيث تلعب الأفلام دوراً في سرد القصص الإنسانية وتجسيد التجارب التي يمر بها البشر مع بعضهم ومع محيطهم. وهي أيضا توثيق مهم للنتاج الفكري الإنساني الذي حول الكثير من الأدب والخيال العلمي الى صور وقصص مرئية.
السينما العالمية
بدأت من فرنسا في 1895 على يد الأخوين لوميير وتطورت عبر الزمن من أفلام خبرية وتسجيلات مسرحية الى أفلام روائية صامتة ثم ما يسمى بالحقبة الذهبية للسينما بعد الحرب العالمية الثانية.
في القرن العشرين وما بعده احتدم الصراع بين من يرون السينما فكراً وفناً وبين من يرونها صناعة انتاجات ضخمة وباهظة وهو ما قد يوصف بأنه صراع سياسي مبكر ضد الهيمنة الأميركية على السينما. من هنا ظهرت مدارس وتيارات عديدة لها جذورها الفكرية والوطنية والسياسية تارة والجمالية الفنية تارة أخرى.
"في أواخر الأربعينات بدأت تتبلور في السينما البريطانية حركة إنتاج واسعة لأفلام تعنى بمشاكل الواقع والإنسان سميت بتيار الواقعية الاجتماعية أو " السينما الحرة ". وكان المخرج ليندسي اندرسون هو الذي بلور هذا المصطلح في كتاباته النقدية والتحليلية لأفلام زملائه. طالب مخرجو أفلام هذا التيار بالقطيعة مع نموذج الحياة المصطنعة المزيفة التي تقدمها السينما الهوليودية، وتحقيق سينما بريطانية تعبر عن الموقف الشخصي للمخرج من الإنسان والمجتمع ومشاكل الحياة اليومية. من أشهر أفلام ذلك التيار فيلم " انظر خلفك بغضب" و"وحدة عداء المسافات الطويلة".
في أواسط الأربعينات ظهرت مدرسة الواقعية الجديدة في السينما الإيطالية والتي سيكون لها تأثير كبير على السينما العالمية. عالجت هذه السينما مشاكل وقضايا المجتمع والإنسان الإيطالي في فترة ما بعد هزيمة إيطاليا في الحرب العالمية الثانية، أول أفلام هذه المدرسة فيلم "روما مدينة مفتوحة " للمخرج روبرتو روسيليني.
كان أهم ما جاءت به من جديد تقنياً هو التصوير في الأماكن الطبيعية خارج الأستوديو واستخدام ممثلين غير محترفين، كما في الفيلم الشهير "سارق الدراجة" للمخرج فيتوريو دي سيكا. "
تابعوا المدونة القادمة فللحديث بقية...
Wed, 30 Oct 2024 - 1043 - غادة عبد العال: عالم الولا حاجة!
في بوست على أحد مواقع التواصل الاجتماعي يحكي صاحبه عن تجربة اعتبرها مرعبة، كان الرجل على ميعاد لأداء مقابلة للالتحاق بعمل جديد، المفترض في الحالة دي إنك بتدخل مكتب تقابل أحد أعضاء شئون العاملين أو اللي بيسموا حاليا بال (إتش آر). أو على أقل تقدير فانت بتقابل الإتش آر ده من على بعد عن طريق الإنترنت . بيسألك عن إمكاناتك وتاريخك الوظيفي وهتضيف إيه للشركة الجديدة وشايف نفسك فين بعد خمس سنوات و كل هذه النوعية من الأسئلة اللي خلاص اتعودنا عليها وبقت من الضرورات للالتحاق بأي وظيفة في أي مكان.
الجديد إن المرة دي صاحب البوست بيحكي إن اللي قام بالمقابلة معاه ما كانش شخص حي، وإنما كان برنامج من برامج الذكاء الاصطناعي أو ال (إيه آي). في الأول المتقدم للوظيفة ماصدقش، من كتر ما كانت أسئلة وردود واستجابات اللي بيكلمه كلها بتقول إنه كائن بشري، لكن بعد شوية أخد ورد اكتشف إن اللي بيقوم معاه بالمقابلة مجرد برنامج، وهو ما يعني إن الذكاء الاصطناعي استولى على شغلانة جديدة من شغلانات البني آدمين، وأصبح على المشتغلين بالمجال ده إنهم يعدوا نفسهم قريب جدا لإنهم هيتم الاستغناء عنهم وهيضطروا يبحثوا عن مجال عمل جديد.
والحقيقة إن الموقف ده هيتكرر كتير، كل يوم الصبح هيتم تطوير برنامج في مكان ما في العالم ليحل محل البشر في مجال جديد، في شكل من أشكال التطور أسرع وأقسى مما كنا نتخيله وما مريناش بيه كبشر من قبل ولا حتى أيام الثورة الصناعية لما بدأت الماكينات تحل محل العمال والفنيين.
ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي ملايين من البشر هيتنقلوا من وظيفة للتانية ومن مجال للتاني غير قادرين على سباق الذكاء الاصطناعي ولا عن إيقافه عن سرقة المزيد من أشغالهم، وسيُترك البشر في يوم ما بدون حاجة مهمة محتاجين ينفذوها بإيديهم أو يفكروا فيها بعقولهم، مما يمهد الطريق لعصر قريب هتسيطر عليه ثقافة الولا حاجة. مش محتاجين نشتغل مش محتاجين نفكر، ومش قادرين نكسب قوت يومنا بنفس الطريقة اللي كنا بنكسبه بيها لآلاف السنين.
بالفعل الثقافة دي موجودة حاليا، بنشوف على وسائل التواصل الاجتماعي كلها، ناس كتير، ملايين في كل أنحاء العالم بيكسبوا قوتهم من الولا حاجة، فيديوهات مقالب، فيديوهات تنضيف وترتيب البيت، فيديوهات لناس بيصوروا نفسهم وهم بياكلوا وده كل محتواهم، وفيديوهات لناس بيطلبوا إن الناس تتبرعلهم بفلوس كده ، بدون سبب، فقط من أجل اللا شيء. كم من الابتذال والرداءة والسطحية واللا معنى بدأت تزحف على حياتنا كبشر، وكل ده و احنا لسه الجزء الأكبر مننا بيروح الشغل وييجي من الشغل، ويشغل مخه ويستعمل عضلاته.
ما بالك بعالم قادم مش هنحتاج فيه نعمل أي حاجة من دي. عالم هيكون فيه الانتصار للأتفه، والكسب للأغبى ، والسبق لمن احترف الولا حاجة وأجادها أكثر من الولا حاجة بتاعة الآخرين.
عالم ما اتمناش إني أفضل عايشة لحد ما أشوفه، لكن بالسرعة اللي بتتطور بيها الأشياء، يبدو اننا لازم نستعد عشان كلنا مش هيكون لنا لازمة ولا هدف ولا لحياتنا أي معنى عن قريب.
Tue, 29 Oct 2024 - 1042 - سناء العاجي الحنفي: فقهاء الجنس والأثداء..
تنتشر على الانترنت مقاطع لفقهاء يصفون الحور العين بأوصاف شديدة الدقة، لا نعرف من أين أتوا بها. يصفون الأجساد والأثداء والبياض، وهذا بالمناسبة وصف عنصري لأنه يعتبر أن الجمال هو بياض البشرة وأن الحور العين لا يمكن أن تكون بشرتهن إلا بيضاء.
اطلعت على فيديو لفقيه يقول حرفيا: "أن تمر السحابة فتقول لأولياء الله: ما تريدون أن أمطِركم في الجنة؟ فلا يتمنون شيئا إلا أُمطر. (...) لأقولن للسحابة أمطرينا جوارٍ، أمطرينا نساء، نريد حريم، نريد النساء".
أولا، من أخبر هؤلاء بتفاصيل الجنة وما يحدث فيها؟
ثانيا، أليس مخجلا هذا الهوس بالجنس وبالنساء وبمقاييس جمال لا تختلف عن مقاييس دور الأزياء وشركات الإعلانات، بما يقتضيه ذلك من إقصاء لعشرات الأشكال المختلفة من أجساد النساء؟ المرأة في الجنة تصبح شبيهة باربي تقريبا، بشرط العذرية طبعا، لأن نساء الجنة عذراوات ويعُدن عذروات بعد كل علاقة جنسية. وهذا طبعا مما يساهم في خلق تمثلات مجتمعات بأكملها عن معايير الجمال وعن الجسد والعذرية.
المشكلة لا تقف هنا... المشكلة أيضا أن معظم رجال الدين يتهمون المطالبين باحترام الحريات الفردية، بأنهم مهووسون بالجنس وبالنساء، والحقيقة أن أكثر المهووسين بالجنس وبأجساد النساء، هم بعض الفقهاء المتخصصين في وصف الحور العين والأثداء والبشرة، وفي تدقيق أعدادهن وفي تفصيل المتعة الجنسية في الجنة وعدد العلاقات الجنسية التي يمكن أن يقوم بها الرجال هناك.
أولا، من وصف لهم هذه الأجواء؟ وكيف صور لهم خيالهم المريض أن الجنة فضاء للجنس بدون قيود ونساء بمعايير جمال تتنافى مع القيم التي يفترض أنهم ينتمون لها؛ بل تلتقي مع الصور التجارية لأجساد النساء، والتي يرفضها كل مؤمن بالقيم الإنسانية!
ثانيا، هؤلاء المتحدثون عن الجنس والنساء في الجنة، ينطلقون دائما من وجهة نظر ذكورية. فهل من وصف لديهم للمتعة الجنسية للنساء في الجنة؟ أم أن المرأة، كما قال أحدهم بكل وقاحة، ليست إلا وعاء جنسيا يفرغ فيه الرجل شهوته؟
مؤسف أن يختزل بعض المتحدثين باسم الدين الجنةَ في جنس وأثداء ونساء... وأن يتهموا بعدها غيرهم بأنهم مهووسون بالجنس!
مؤسف أن تتحول الجنة، بكل ما يفترض أن تعنيه للمتدين، إلى مجرد فضاء بورنوغرافي مليء بأجساد متعة...
Mon, 28 Oct 2024 - 1041 - هند الإرياني: عندما يصبح "المؤثّر" مخرّبًا
كتب صحفيّ يمنيّ معروف على مستوى اليمن، بأنّ على اليمنيّين ألّا يزوّجوا بناتهم من أجانب. في البداية اعتقدت بأن كلمة "أجانب" تعني رجالًا غربيّين أو شيئًا من هذا القبيل، ثمّ تبيّن لي أنّ أجانب هي أيضًا لأيّ شخص ليس من نفس المدينة أو القبيلة.. إلخ. كلامه فيه أمران أثارا غضبي؛ أوّلًا حديثه عن النساء وكأنّهنّ ملك لرجال العائلة الذين يقرّرون عنهنّ، وثانيًا العنصريّة والاعتقاد أنّ الآخرين أقلّ رتبة، ولا يستحقّون شرف الزواج من بناتهم.
هناك ظاهرة حاليًّا في (تيكتوك) لشخصيّات يمنيّة "مؤثّرة" دورها أن تشتم النساء اليمنيّات، وشتم النساء في مجتمع ما زال يرى المرأة ناقصة هو للأسف من أكثر الأشياء التي قد تجذب لك متابعين، ثمّ ترى في (تويتر) من يسمّي نفسه صحفيًّا، ويقول للآباء زوّجوا بناتكم من فلان، ولا تزوّجوهنّ من علان. صحيح أنّ قرار الزواج ما زال في كثير من الأحيان -إن لم يكن في معظمها- ليس بيد هذه الفتاة، وهي لا حول لها ولا قوّة، ولكنّ دورك كمثقّف أن تغيّر هذا لا أن تعزّزه، ولكن للأسف كالمعتاد يصيبني هؤلاء "المؤثّرون" بالخيبة.
على الجانب الأكثر إشراقًا، وجدت نساء في (تيكتوك)، وفي وسائل تواصل أخرى تفاجأت بوعيهنّ، ويتحدّثن بثقافة عالية، وبأفكار واعية، وبجرأة، وشجاعة، ربّما لسن كثيرات، ولكنّ هذه بداية جيّدة، ويجب تشجيعها.
هناك من يختار بأن ينشر أفكارًا تتناسب مع مجتمع يعاني من تراجع في كلّ المجالات، وهناك من يختار أن يتحدّى العادات السيّئة، ويقول ما قد يُغضب المجتمع اليوم، ولكنّه مفيد للأجيال القادمة، وبينما يحتاج اليوم هذا المجتمع لمن يقول له أفكارًا تزيد من وعيه يأتي من يهتمّ فقط بزيادة المتابعين، ويختار ما يرضي هذه الجموع، ويبثّ السموم الفكريّة، ويزيد من معاناتهم. في هذه الحالة لا يمكن أن نسمّي هذا الشخص مؤثّرًا، وإنّما نسمّيه مخرّبًا، ونتمنّى له الهداية.
Fri, 25 Oct 2024 - 1040 - جمانة حداد: "حياة صغيرة"
أريد حياة صغيرة. حياة بلا أمجاد واحتفالات وتكريمات. بلا أعياد ومهرجانات ومفرقعات. بلا مفاجآت، ومنعطفات، وحتى بلا إنجازات. حياة بلا دروع فخرية، بلا شهرة عالمية، بلا أسئلة وجودية. بلا انتصارات علنية وميداليات ذهبية وأسهم في أسواق البورصة العالمية. بلا ثروات ومجوهرات ورحلات الى جزر بعيدة اكزوتيكية. بلا نقاشات فلسفية ومطوّلات غزلية وقصص حب خيالية. بلا تصفيقات وسجادات وألقاب شرفية. حياة بلا نهوض مذهل بعد وقعة، أو فوز رائع بعد خسارة، أو نجاح باهر بعد فشل.
أريد حياة صغيرة، نعم. فنجان قهوة وأريكة وكتاب صباحاً. فوشار وكأس ويسكي وفيلم رومنطيقي مساء. وبين الاثنين أن أصدّق وهم الأمل. وبين الاثنين، أن تمسك يدٌ حبيبة بيدي. وأن أستيقظ بلا قلق وخوف وهلع. وأن أنام بلا دموع وانكسار وغضب. وأن أجلس في ظل شجرة وأسمع غناء العصفور. وأن أخرج الى الشارع وأمشي، وفي قلبي القليل، القليل فقط من الخفّة، بدل هذه الحجارة الثقيلة.
وأن أخطّط للقاء الأصدقاء بلا أن أضيف "إذا ما صار شي" أو "إذا ضلينا عايشين". وأن أبتسم بلا أن أشعر بالذنب. وأن آكل وأشرب بلا أن أشعر بالذنب. وألا ألعن الساعة التي ولدتُ، الساعة التي ولدنا فيها في هذه الجحيم.
وأن أسترجع مشاهد من طفولتي ولا أكره طفولتي. وأن أستعيد ذكريات من شبابي ولا أكره شبابي. وأن أفكّر في المستقبل ولا أشكّ في وجود مستقبل. وألا أجلس أمام الشاشة البيضاء ولا أجد ما أكتبه. وألا يخونني صوتي كلما هممت بقول "أنا بخير".
وألا تبدو حروب الأمس وانفجارات الأمس واغتيالات الأمس وانهيارات الأمس وخسائر الأمس، وكل المسلسل البائس الطويل لأيامنا منذ ولادتي وحتى اليوم، على بشاعتها، أفضل مما نعيشه الآن.
Thu, 24 Oct 2024 - 1039 - عروب صبح: الضمير الجمعي
تعرض البشر عبر التاريخ للكثير من عمليات التنكيل والإبادة خلال الصراعات المسلحة التي نقشت عاراً على جبين الإنسانية ولا أعتقد أن ما يجري الآن في غزة ولبنان أمام الكاميرات وعلى رؤوس الأشهاد الا نهاية لكل ما تبجح به العالم عن مفاهيم حقوق الانسان والأطفال وحتى الحيوانات!!!
بعد الحرب العالمية الثانية اعتقد العالم أن محاولاته في خلق نظام عالمي يضمن للبشر حقوقاً أساسية وأسساً تفرض على السلطات السياسية الالتزام بها في زمن السلم وزمن الحرب ستكون قادرة على الارتقاء بالبشرية نحو عالم أكثر تعاوناً وسلاماً وأمناً..
بل أنهم تخيلوا "عالماً جديراً بالأطفال"
هذه المحاولات البائسة تحطمت على صخرة أمنيات الشعوب المحكومة بالنار والحديد والسجون لكل من تسول له نفسه المعارضة، وجشع السلطة المادية التي ترتبط بمصالح الرأس مالية والإمبريالية العالمية!
إنشاء الأمم المتحدة كان مشروعاً بشرياً رومانسياً لحفظ السلام وإنشاء التعاون إلا أنه أفرغ من مضمونه جملة وتفصيلاً بإعطاء اليد العليا للأقوياء في العالم، بل أنه أصبح ألعوبة في أيديهم يقررون من خلال مجلس أمنه ما يحلو لهم ويوزعون من خلال تصويتهم شهادات البراءة والإدانة بحسب علاقاتهم ومصالحهم.
ماذا يحدث؟
منذ أيام قليلة صرحت فرانشيسكا البانيز المقررة الأممية لحقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية:
" في غزة يستمر العار الجماعي لهذا القرن بلا هوادة ودون توقف في تحد لكل قاعدة من قواعد القانون الدولي والروح المعنوية"
وأكملت:" يا لها من شهادة مشينة على فشلنا العالمي في حماية حقوق الانسان الأساسية، إن الأمم المتحدة التي كانت ذات يوم منارة للأمل وقوة من أجل السلام تنهار تحت وطأة هذا العار ضغط أو تواطؤ أقوى الدول الأعضاء فيها"
أعتقد أن الضمير الجمعي هو تفكير تمني
ولا أدل عليه من مواقف السلطة الفلسطينية وبعض الطوائف السياسية الدينية في لبنان عمّا يحصل في بلادهم.
عروب صبح
Wed, 23 Oct 2024 - 1038 - غادة عبد العال: هيستيريا الرأي الأوحد
في المجتمعات اللي مش متعودة على تعدد الثقافات بيميل الرأي العام لإنه يكون أحادي الفكر. بنشوف الأمور كلنا من منظور تقريبا واحد. لما نكون بنتكلم نفس اللغة وأغلبيتنا بتدين بنفس الدين وبندرس نفس المناهج الدراسية وبنتفرج على مصادر محدودة للإعلام، الطبيعي إن الناتج يكون واحد. كلنا بنؤمن بقيم متشابهة وبنحكم بقواعد متشابهة وبنشوف الأبيض والإسود زي بعض.
وعشان كده بيحصل شيء من الصدمة عند الجموع المتفقة على رأي واحد، لما حد يشق الصف ويرفع إيده ويقول: معلش يا جماعة.. أنا ليا رأي مختلف. وقتها بيعم الصمت وترتفع الحواجب وتتسع العيون ويسود الذهول وترد جموع الشعب قائلة: يعني إيه رأي مختلف؟ ابن مين انت يعني عشان يبقى رأيك مختلف؟ ما تخش الصف يا أذكى اخواتك من سكات.
بيحصل الكلام ده مع كل حدث بيستفز الرأي العام في اتجاه واحد موحد، وبشكل غالبا بيكون عنيف. حتى إن البعض اللي له رأي مختلف ممكن يحرج أو يتكسف أو يخاف يعلي صوته.
لكن فور اكتساب اتنين تلاتة للشجاعة اللي تخليهم يعلوا صوتهم، وحدوث الصدمة الأولى في المجتمع الناتجة عن اكتشاف الجميع إن فيه ناس شايفين الأبيض اللي احنا شايفينه إسود والإسود شايفينه يا سبحان الله أبيض، حتى تقام في كل مكان محاكم التفتيش، يبتدوا الناس يشكوا في أصدقاءهم ثم أقاربهم ثم معارفهم، يبتدوا يراقبوا كل كلمة، كل بوست على السوشيال ميديا، كل ميم وكل نكتة، عشان يفهموا هل هم معانا والا بعد الشر ليهم رأي مختلف. و يبتدي الكل يشمر أكمامه و يستعد للمعركة لأن الرأي المختلف في عرفنا ما ينفعش يعدي عادي كده، لابد أن يقابل بنوع من العقاب. نخاصم صاحبه، نقاطعه، نبلكه، نفضحه، نجرسه أو نسلط عليه الآخرين.
ويتحول الأمر لما يشبه هيستيريا الرأي الأوحد. لدرجة إن أحيانا شعور الجماهير بالإهانة ما بيكونش ناتج عن الرأي نفسه، بل لمجرد وجود رأي مختلف. تحسهم ماشيين في الفضاء العام ووسائل التواصل الاجتماعي بيشمشموا، زي جموع الزومبي اللي بتدور على ضحية لسه بيجري في عروقها الدم.
ولا يهم والله نوع الحدث. حدث سياسي بأه ، حادثة قتل، فرح أحد المشاهير، ده أنا حتى مرة اتعمل عليا حملة واتشتمت بأهلي عشان كان عندي رأي مختلف عن فيلم أجنبي كان تريند والناس كلها معجبة بيه، فليه وإزاي مايعجبنيش؟ ومين اللي عمل لي غسيل مخ عشان ما اشوفش هو عظيم أد إيه؟ ومين بالظبط اللي بيمولني عشان أقول كده؟
وعموما هو شيء مش مستغرب على دول بتعلن في أجهزتها الإعلامية إن هدف التعليم الحكومي والإعلام الحكومي هو إنتاج رأي عام موحد وتربية مواطن يحمل نفس ذات القيم والأفكار اللي بيحملها أخوه المواطن. بلا تعدد آراء، بلا تعدد أحزاب، بلا تعدد ثقافات، بلا كلام فارغ يا أخي، مش عايزين وجع دماغ.
Tue, 22 Oct 2024 - 1037 - سناء العاجي الحنفي: إنهم يخافون من النقد
لماذا تنتقد بلدك؟
لماذا تنتقد والديك؟
لماذا تنتقد التقاليد المجتمعية؟
لماذا تنتقد الذكورية في المجتمع؟
هناك حولنا من يخيفهم أي تصور نقدي لما هو سائد:
تنتقد سياسة بلدك؟ أنت عدو وتساهم في مؤامرة الأعداء.
تنتقد بعض الممارسات الدينية؟ أنت عدو للدين وممول من جهات معينة.
تنتقد بعض العادات المؤذية في مجتمعك؟ أنت منسلخ عن هويتك.
تنتقد بعض مظاهر الذكوربة في الثقافة الشعبية أو في اللغة أو في الممارسات الدينية؟ أنت شخص حاقد مستلب ممول من لوبيات أجنبية.
للأسف، هناك ثقافة سائدة تطلب منا أن نسير مع التيار. أن نقبل ما هو سائد ومتعارف عليه. أن نسَلُّم بما هو شعبي متأصل.
الثقافة السائدة ليست كلها سيئة. إنها بالتأكيد تشمل عناصر تشكل جزءا من هوياتنا ومن مشتركنا الثقافي والديني والشعبي.
لكنّ الأكيد أن بها تمظهرات أخرى تحتاج منا الانتقاد، لأنها مؤذية أو لأنها لم تعد صالحة لزمننا. تفاصيل كثيرة في الدين، في العلاقات، في الثقافة السائدة، كانت مناسبة، بل وربما إيجابية، في بعض الأزمنة... لكنها لم تعد مناسبة اليوم، لمنظومة ثقافية وحقوقية جديدة.
الأمثلة كثيرة ومتعددة، بين مختلف أشكل التطبيع الديني والشعبي مع العنف ضد النساء وضد الأطفال، تشغيل الأطفال، تزويج الطفلات، قهر النساء، العلاقة بين الجنسين، العنف ضد الآخر المختلف، أشكال الاستهلاك غير المعقلنة، وغير ذلك.
نفس الشيء بالنسبة لقداسة بعض العلاقات العائلية والمجتمعية. العلاقات الأسرية في مجتمعاتنا أمر جميل جدا: هذا الترابط والسند والدعم والأوقات الرائعة التي نقضيها مع أسرنا. لكن، في نفس الوقت، علينا أن نعترف أن الأمر ليس كذلك بالنسبة للجميع. هناك، للأسف، أشخاص يعانون من علاقات سامة مع آبائهم أو أمهاتهم. جميعنا نحمل عقدا نفسية وتراكمات من الاضطرابات، بعضها قد يكون عنيفا وشديدا. والآباء والأمهات ليسوا جميعهم بعيدين عنها ولا هم مقدسون.
لا يمكننا أن نلوم شخصا يشتكي من علاقته السامة بوالده أو والدته لمجرد أننا نؤمن أن كل الآباء رائعون وكل الأمهات مقدسات. بعضهم قد لا يكون كذلك وبعضهم قد يكون سيئا بالفعل. فهل نسقط علاقاتنا وأحيانا تمثلاتنا الإيجابية لهذه العلاقات الأسرية على الجميع؟ وهل نمنع شخصا من انتقاد واقعه لكي ينجو منه بسلام ولا ينقل هذه العلاقة السامة لجيل آخر بعده؟
باختصار، الانتقاد ليس كرها... هو سلوك إيجابي لواقع وثقافة وممارسات ومعتقدات وعلاقات نحتاج أحيانا أن نطورها بدل تقديسها.
Mon, 21 Oct 2024 - 1036 - وداعاً إسراء..
الأسبوع الماضي استيقظت على خبر بشع. صديقة ليا يمكن ما كناش على اتصال بشكل مستمر لكنها كانت تحتل في قلبي مكانة كبيرة وكنت فعلا بحبها، توفت فجأة، وبدون ما تعلن أسباب الوفاة.
إلتقينا من عدة سنوات في ورشة كتابة كنت بقوم بتنظيمها، وعلى الرغم من مقابلتي للعديد والعديد من الأشخاص اللي تلقوا معايا النوع ده من الورش، لكن الورشة اللي كانت فيها إسراء كانت مميزة، تطورت من علاقة أستاذ بمتمرنين لعلاقة صداقة كاملة.
وإسراء كانت جميلة، وضحكتها كانت جميلة، كانت تدخل أي مكان ضحكتها تنوره، لكن قليلين اللي يعرفوا إن ورا ضحكتها دي أيام وليالي قلق وحزن وضيق وخوف، وكل ده فقط لأنها كانت عايزة تعيش.
كل اللي كانت عايزاه إسراء إنها تعيش بشكل اختارته لنفسها. تختار تشتغل فين وتعيش فين وتصاحب مين. رغبة بشرية من المفترض إنها عادية، لو حكيتها لأي بني آدم في أي مكان في العالم هيبصلك و يضحك و يقولك: أيوة ما هو ده الطبيعي، فين المشكلة؟ ، لكن لإن إسراء ما اتولدتش في إحدى الدول المحظوظة بوقوعها في نصف الكرة الشمالي، فكل ما يظن البني آدمين إنه طبيعي بالنسبة لها كان معضلة.
فبمجرد أن يولد المرء أنثى ويوقعه حظه في أن يعيش في هذا الركن العجيب من العالم اللي احنا عايشين فيه، فعليه أن يودع المنطق والطبيعي والمتعارف عليه في بقية أنحاء العالم، وتبدأ الواحدة فينا منذ نعومة أظافرها في خوض معركة تلو المعركة فقط عشان يتبص لها كبني آدم عاقل وأنها يمكنها اتخاذ قراراتها بنفسها أو اعتماد شكل يرضيها لحياتها.
فمن أكثر الاتهامات ترددا مثلا تجاه أي امرأة في مجتمعاتنا أيا كان سنها أو وضعها الاجتماعي أو تعليمها وثقافتها هو إنها ست ماشية بدماغها.. اللي هو أهلا وسهلا يا فندم، أمال المفروض تمشي بدماغ مين؟
إسراء كانت ماشية بدماغها، وده كان شيء مزعج جدا لأهلها، اختارت تنتقل من مهنة لمهنة، فحاربوها، اختارت ستايل محدد لشكلها، فاضطهدوها، اختارت بلد للعيشة مختلفة عن بلد أهلها فاتهموها بالخروج عن طوعهم وشافوا انها تستحق العقاب. وأشكال العقاب كانت مختلفة، منها توجيه الإهانات ومنها التضييق ومنها الحبس. تخيل بني آدم تخطى الثلاثين، أهله يقرروا يمنعوه من حرية التحرك. أكيد هتحس إنه شيء غير طبيعي، إلا إذا كان البني آدم ده بنت، طبعا ساعتها انت وغيرك هتلتمسوا لأهلها العذر وتسألوا الأول عن أسبابهم وكأن مجرد كونها أنثى يبرر جريمة تحديد حرية مجرمة في أي مكان آخر في العالم.
أسباب وفاة إسراء ما زالت قيد التحقيق، لكن أنا قلبي بيقوللي إن أيا كان السبب المباشر فالأسباب غير المباشرة واضحة وضوح الشمس، وواضح كمان إنها مش هتكون أول ولا آخر مرة، ولا هتكون أول ولا آخر بنت يتم اغتيالها ع الأقل معنويا بهذا الشكل، فقط لإنها كانت تظن إن من حقها إنها تعيش.
Sat, 19 Oct 2024 - 1035 - عيشة الكلاب..
دائما عندما نريد أن نصف حالًا سيّئًا نقول: "أصبحت العيشة عيشة كلاب". تذكّرت المقولة وأنا أتأمّل كلبًا لطيفًا يبدو سعيداً مع عائلة تحبّه. يأكل، ويشرب مجّانًا، وينام مرتاحًا، بالتأكيد عيشة الكلاب ليست دائما سيّئة.
قد تبدو هذه المدوّنة غريبة بالنسبة لمجتمع يعتبر الكلاب من المخلوقات غير المرغوب فيها إن لم تكن مكروهة. أتذكّر في المدرسة أنّنا درسنا بأنّ الكلب من الحيوانات النجسة، وعلينا أن نغسل أيّ شيء يلمسه الكلب سبع مرّات إحداهنّ بالتراب. لا أدري لماذا التراب، ولكنّنا أيضًا درسنا، "لا تسألوا عن أشياءَ إنْ تبدُ لكم تسؤْكم" لذلك لم نسأل. كانت لديّ فوبيا قويّة من الكلاب، عندما أراها ترتعد فرائصي، وكلاب الشوارع في اليمن التي غالبًا ما تكون تعرّضت للعنف لم تساعد على بناء أيّ علاقة جيّدة، ورغم سفري لعدة دول في الشرق الأوسط إلّا أنّ خوفي لم ينته إلّا في السويد.
عندما تكون خائفًا من الكلاب في بلد فيه كلاب تمشي طوال الوقت، ليست كلاب شوارع، وإنّما كلاب تعيش في بيت مع عائلة غالبًا ما تحبّها إلّا ما ندر. تمشي، وأنت خائف، وإن سمعت صوت الكلب تعتقد بأنّه يهدّدك بينما هو شعر بخوفك، ويريد تهدئتك، وسوء الفهم يجعلك خائفًا ومرتبكًا أكثر، تصبح حياتك كابوسًا في بلد يحبّ الكلاب، إلى أن تتعافى.
كان لديّ صديق لديه كلبة تبدو لطيفة لكنني كنت أتوتّر، ثمّ قرّرت اليوم سأراها ولن أخاف. يجب أن أتغلّب على هذا الخوف، ولا أنكر أنّ هذه الكلبة ساعدتني كثيرًا، وهكذا تخلّصت من خوفي إلى الأبد. ثمّ أصبحت أحبّ الكلاب، وعرفت أنّها حيوانات مليئة بالمشاعر والحبّ، وندمت أنّني أضعت الكثير من السنوات بدون أن أعرف هذا الحبّ اللامشروط.
قد تكون هناك عيشة كلاب سيّئة في بلد أغلب كلابها في الشارع تعاني من الأمراض، وتصبح متوحشة، وقد تكون عيشة الكلاب رائعة في بيئة محبّة بين أشخاص يهتمّون بها. أقول من كلّ قلبي نعم أريد عيشة الكلاب فقط هذه الكلاب السعيدة التي ألتقيها هنا كلّ يوم.
Fri, 18 Oct 2024 - 1034 - جمانة حداد: يارون
أمس، يارون جدّتي توفيقة تخبز على الصاج عند الفجر. يارون طعم اللبنة والصعتر وزيت الزيتون ووهج الرغيف الساخن. يارون رائحة جدّي رجا يعانق ويشدّ ولا يفلت، وقلبه الأرقّ من جناح فراشة خرجت للتو من الشرنقة.
يارون الطفولة وخفّة الطفولة التي تدوم ربع دقيقة ثم تختفي الى الأبد. يارون قطاف التين مع أولاد العمّ والعمّة قبل شروق الشمس. يارون النوم مفترشين أرض الغرفة الصغيرة والشعور بأننا نطير. يارون شكّ أوراق التبغ في المسلّات مع الأقارب والجيران والبقع على الأصابع المتعبة ولكن السعيدة. يارون النزهات المسائية في الدوير، والصبحيات التي لا نريد أن تنتهي. يارون صوت الآذان عند كل غروب وغناء جرس الكنيسة كل صباح أحد. يارون الحبّ والإلفة والطيبة والفرح والضحكات. يارون النافذة التي تطلّ على سهول الغبطة التي لا تشبه إلا نفسها. يارون الكدمات على الركبة من فرط الشيطنة وتسلّق الأشجار. يارون القعدة على بلاطة الساحة مع الأصحاب. يارون الدبكة في الأعراس وصوت الناي الحنون. يارون الدموع في العينين كلما حان زمن العودة الى بيروت. يارون ضريح والدي عطالله والمرّة الأخيرة رأيتُ وجهه الحبيب...
أما اليوم، فـ يارون الدمار والموت والبيوت المهدّمة. يارون الأشجار المحروقة والأرض المهجورة. يارون اليأس والبؤس وعرق الجبين الذي راح هدراً مرّة تلو مرّة. يارون النار والرماد وأصداء القنابل والرصاص. يارون الحزن والحداد والمرارة والوجع. يارون سطوح القرميد التي سوّيت بالأرض والأسرّة التي صارت مسرحاً للكوابيس. يارون التي أهلها تعبوا من إعادة بنائها. يارون التي لم تعد موجودة إلا كذكرى في مخيلاتنا.
يارون التي لم تعد.
Thu, 17 Oct 2024
Podcasts similaires à مدونة اليوم
- 8 Hour Binaural Beats 8 Hour Sleep Music
- La Venganza Será Terrible (oficial) Alejandro Dolina
- Aprender de Grandes Aprender de Grandes
- Superscoreboard Bauer Media
- Deportes COPE COPE
- Dante Gebel Live Dante Gebel
- MÚSICA DE LOS 80'S🎶🎙️😎 Eva Sthefany Guadarrama
- La ContraHistoria Fernando Díaz Villanueva
- History Extra podcast Immediate Media
- Palabra Plena, con Gabriel Rolón Infobae
- Venganzas del Pasado Juan Schwindt
- Carlos Pagni en Odisea Argentina LA NACION
- Luis Novaresio en +Entrevistas LA NACION
- Libros para Emprendedores Luis Ramos
- Metafísica Activa Metafísica Activa
- Claudio Zuchovicki en Neura Neura
- Radio Baladas Viejitas Románticas Oscar Canto
- LOS COMICOS AMBULANTES Pirata Podcast
- Audiolibros Por qué leer Por qué leer
- The Night Train® Powlo & Herb Stevens
- Cuentos de medianoche Radio Nacional Argentina
- Historias de nuestra historia Radio Nacional Argentina
- TED en Español TED
- Cafe con Victor Victor Abarca